أسبانيا الإسلامية

EGP 400

التصنيف:

الوصف

هذا وقد كان لعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- موقف عظيم في البطولة والشجاعة، وقد ذكره الحافظ ابن كثير حيث قال: لما قصد المسلمون -وهم عشرون ألف- إفريقيا، وعليهم عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وفي جيشه عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، صمد إليهم ملك البربر جرجير في عشرين ومئة ألف، وقيل في مئتي ألف، فلما تراءى الجمعان أمر جيشه فأحاطوا بالمسلمين هالة، فوقف المسلمون في موقف لم ير أشنع منه ولا أخوف عليهم منه.
قال عبد الله بن الزبير: نظرت إلى الملك جرجير من وراء الصفوف وهو راكب على برذون، وجاريتان تظلانه بريش الطواويس، فذهبت إلى عبد الله بن سعد بن أبي السرح فسألته أن يبعث معي من يحمي ظهري وأقصد الملك، فجهز معي جماعة من الشجعان، فأمر بهم فحموا ظهري وذهبت حتى خرقت الصفوف إليه وهم يظنون أني في رسالة إلى الملك، فلما اقتربت منه أحس مني الشر، ففر على برذونه فلحقته وصفعته برمحي وذففت -يعني أجهزت- عليه بسيفي، وأخذت رأسه فنصبته على رأس الرمح وكبرت، فلما رأى ذلك البربر فرقوا وفروا كفرار القطا، واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون فغنموا غنائم جمة وأموال عظيمة وسبيا عظيما، وذلك ببلد يقال له (سبيطلة) على بعد يومين من القيروان.
قال ابن كثير: فكان هذا أول موقف اشتهر فيه أمر عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه، وعن سائر الصحابة الكرام أجمعين.
إن ما قام به ابن الزبير نوع من الطموح نحو المعالي المحفوفة بالأهوال بدون تدرج سابق، لقد كان عمره آنذاك سبعا وعشرين سنة، ولم تذكر له قبل ذلك مواقف بطولية من نوع المغامرات، فكيف أقدم على هذه المغامرة الهائلة التي يغلب على الظن أو يكاد يقرب من اليقين في عرف الناس العاديين أن فيها الهلاك؟!

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “أسبانيا الإسلامية”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *